للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وعَلَيْكَ السَّلام"، ثم قالَ: "ارْجِعْ فَصَلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، حتى فَعلَ ذلكَ ثلاثَ مَرَاتٍ فقالَ الرجلُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ نِبَيًّا ما أُحْسِنُ غَيْرَ هذا، عَلِّمْني، قالَ: "إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ، فَكَبِّرْ، ثمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ راكِعًا، ثم ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قائِمًا، ثم اسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِن ساجِدًا، ثم ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِن جالِسًا، ثم افْعَل ذلِكَ في صَلاِتكِ كُلِّها" (١).

وقولُ الشافعيِّ أَسَدُّ وأَوْلى؛ لأنَّ الحديثَ الذي أخذ به مُقَيَّدٌ بالفاتِحَةِ.

وأُطْلِقَ اسمُ الصَّلاةِ على الفاتِحَةِ لِكَوْنِها المَقْصودَ الأَعْظَم؛ كما أُطلقَ الحَجُّ في قوله: "الحَج عَرَفَةُ" (٢)، والحديثُ الذي أَخَذَ به أبو حنيفةَ مُطْلَقٌ، والمقيَّدُ يقدَّمُ على المُطْلَقِ، فيلزمُ حينئذٍ أَنَّ المتيسِّرَ معَ الرجلِ إمَّا الفاتِحَةُ؛ كَما هوَ الغالِبُ على العامَّةِ، أو الواجبُ عليهِ أن يأتيَ بما تَيَسَّرَ معهُ في هذِه الحالَةِ، وذلكَ جائزٌ عندَ العَجْزِ عن الفاتِحَةِ، وهذا التأويلُ متعيِّنٌ؛ لِما روى أبو هُريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ-: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تُجْزِىُء صَلاةٌ لا يُقْرَأُ فيها بِفاتِحَةِ الكتاب" (٣).

ومعنى قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨] ما روينا في "صحيح البخاري" و"مسلم" أيضًا عن أبي هُريرةَ -رضي اللهُ تَعالى عنه- قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَفْضُلُ صلاةُ الجماعَةِ صلاةَ أحَدِكُمْ بِخَمْسٍ وعِشرينَ جُزْءًا، وتَجْتَمعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ في صَلاةِ


(١) رواه البخاري (٧٢٤)، كتاب: صفة الصلاة، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت، ومسلم (٣٩٧)، كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه ابن حبان في "صحيحه" (١٧٩٤)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>