للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: أجابوا بأن الحديثَ لم يصحَّ، وأما قولُ نَضلَةَ، فإنه أخبرَ عن عادتهم الكريمةِ في إسكانِهم ما يستغنونَ عنهُ في بيوتهم، وقد اشترى عمرُ داراً بمكَّةَ بأربعةِ آلافِ درهم، واشترى معاويةُ بنُ أبي سفيانَ من حكيمِ بنِ حزامٍ بمئةِ ألفِ درهم (١).

وللخلافِ سببٌ غيرُ هذا (٢)، وهو هَلْ فتحَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ صُلْحاً أو عَنْوَةً؟

فذهب الشافعيّ إلى أنه فَتَحَها صُلْحاً (٣).

واستدلَّ بعقدِ الأَمانِ من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي سُفْيانَ، وهُوَ بمَرَّ الظَّهْران (٤) قبلَ أنْ يدخُلَ مَكَّةَ، فقالَ: "مَنْ دَخَلَ دارَ أَبي سُفْيانَ فَهُوَ آمِنٌ، ومَنْ دخل المسجدَ فهو آمِنٌ، ومَنْ أَغْلَقَ عليهِ بابَهُ فهوَ آمِن" (٥)، ولم يستثنِ إلا أربعةَ نَفَرٍ وقَيْنَتَيْنِ.

واستدلَّ لهُ أيضاً بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لخالِدِ بْنِ الوليدِ: "لمَ قاتَلْتَ وقَدْ نَهَيْتكَ عنِ القِتال؟ " قال: هم بَدَؤونا بالقتال، ووَضَعوا فينا السّلاحَ،


(١) قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٣/ ٢٥): "أورد البيهقي في "الخلافيات" الأحاديث الواردة في النهي عن بيع دورها، وبين عللها".
(٢) في "ب" زيادة: "أيضاً".
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (٧/ ٣٦٢)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٧٠)، و "المجموع" للنووي (٧/ ٣٨٧)، و "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ٢٧٥)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٢٣٦)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ١٧٧).
(٤) مر الظَّهران: الظهران: بفتح الظاء وادِ قرب مكة، وعنده قرية يقال لها (مُر (تضاف إلى هذا الوادي فيقال (مر الظهران)، وفيها عيون كثيرة ونخيل.
"معجم البلدان" (٤/ ٦٣).
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>