للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٣ - ٢٠٤ (٣ - ٤) قوله جَلَّ ثَناؤُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٤ - ٥].

* أمرنا اللهُ سبحانَهُ أن نَجْلِدَ قاذِفَ المُحْصَناتِ ثَمانينَ جَلْدَةً؛ عقوبةً وزَجْراً.

* واقْتَضى الخِطابُ بمَفْهومِهِ أَلَّا نجلِدَ قاذفَ غيرِ المُحْصَناتِ، وعلى العملِ بهذا المَفْهومِ أجمعَ أهلُ العِلْمِ (١).

* وقد ذكرتُ فيما مضى أنَّ الإحْصانَ يقعُ على مَعانٍ: على الحُرِّيَّةِ، وعلى العِفَّةِ، وعلى الإسلام، وعلى النكاح.

وقد اتفقَ أهلُ العلمِ على أَنَّ النكاحَ غيرُ مُرادٍ بهذهِ الآية، لأنه يلزمُ منه أَلَّا يُجْلَدَ مَنْ قَذَفَ مَنْ لَمْ تنكحْ، ولا قائلَ بذلك.

وعلى أن العفةَ مُرادَةٌ؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤]، ومفهومُهُ أن مَنْ قامَتْ عليهِ الشهادةُ أن لا حَدَّ على قاذفِه، ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} [النور: ٢٣].

واختلفوا في الحريةِ والإسلامِ، هل هُما مُرادان، أو لا؟

فذهبَ الجمهورُ إلى أنهما مُرادان؛ لوقوعِ الإحصانِ عليهِما، وبهذا أخذَ الشافعيُّ -رحمه الله تعالى - (٢).


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥١٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ١٧٣)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ٧٦).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ٢٥٥)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣٧١)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ٧٦)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ١٠٥)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٥٣)، و"الهداية" للمرغيناني (٢/ ١١٢)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>