للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في نَفْيِ الحَمْلِ من غيرِ ذكرِ الفاحشةِ:

فذهب الجُمهور إلى إلحاقِهِ بالتَّصريحِ بالفاحشة.

وقال بعضُهم: لا يجوزُ نفيُه من غيرِ ذكرِ قذفٍ.

ثم على قولِ الجُمهورِ لا يخلو إما أن ينفيَه نَفْياً مطلَقاً، أو نفياً مقيَّداً بالاستبراءِ، فأما النفيُ المقيَّدُ، فلا خلافَ فيه، وأما النفيُ المطلَقُ، فمنعَهُ مالكٌ، وجَوَّزه الشافعيُّ، وداودُ، وأحمدُ (١).

* فإن قيلَ: فإذا كانَ للزوجِ شهداءُ، فهل لهُ اللِّعانُ، أو ليسَ لهُ؛ لأن اللهَ سبحانَه شرطَ عدمَهم؟ قلنا: ذهبَ إلى اعتبارِ الشرطِ أبو حنيفةَ وداودُ (٢)، فلا يجوزُ اللِّعانُ عندَهما إذا قامتِ البينةُ بِزِناها.

وذهبَ مالكٌ والشافعيُّ إلى أنَّ الشرطَ خرجَ على غالب الوُجود، وأنه يجوزُ له اللِّعانُ، وإن قامَتِ البينةُ (٣).

* فإن قيل: فالمرأةُ إذا قامتْ عليها البينةُ هل لها درءُ العذابِ عنها باللعان، وتكونُ البينةُ كشهادتِه باللهِ، أو ليسَ لَها؛ كما لو قامت عليها البينةُ بدعوى غير الزوج؟ قلت: أما مذهبُ الشافعيِّ، فلها، ولستُ أعلمُ في حالِ كتابي لهذا الكتابِ قولَ غيرِه، والله أعلمُ.


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٩٥ - ٩٦)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٨٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ١٨٥).
(٢) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٢٣٨).
(٣) انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>