للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قَضايا وأسبابٍ، ولم تُخَصَّ بها أَسْبابُها, ولم تقصرْها عليها، وذلكَ كآيةِ القَذْفِ (١) واللِّعانِ (٢) والظّهار (٣)، وغيرِ ذلك، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الوَلدُ للفِراشِ، ولِلعاهِرِ الحَجَرُ" (٤)، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - في بئر بُضَاعَة: "الماءُ طَهورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ؛ إلَّا ما غَيَّرَ طَعْمَهُ أو ريحَهُ" (٥)، وغيرِ ذلك.

ولكنْ ينبغي للناظِرِ أن ينظرَ في قرائنِ الألْفاظ، وشواهِدِ الأحْوالِ، فإنْ لم يجدْ ما يدلُّ على تَعْدِيَةِ الحُكْمِ، أو قَصْرِهِ، نظرَ في الأدِلَّةِ الخارجَةِ، فإنْ لم يجدْ أُمْضِيَتِ الأَلْفاظُ على حَقائِقِها وأَوْضاعِها؛ كما هوَ مذهبُ الإمامِ أبي عبدِ اللهِ الشافعيِّ رحمهُ اللهُ تعالى (٦).

* * *


(١) هي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤].
(٢) هي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)} [النور: ٦].
(٣) هي قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)} [المجادلة: ٢].
(٤) رواه البخاري (١٩٤٨)، كتاب: البيوع، باب: تفسير الشبهات، ومسلم (١٤٥٧)، كتاب الرضاع، باب: الولد للفراش وتوقي الشبهات، عن عائشة.
(٥) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٣/ ١٥٦)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٢٨) عن أبي أمامة الباهلي بهذا اللفظ. وإسناده ضعيف.
(٦) قلت: الصحيح عن الإِمام الشافعي -رحمه الله- في هذه المسألة: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن كان قد نُقل عنه التخصيص بالسبب؛ كما نقله إمام الحرمين، والرازي، والآمدي، وغيرهم، لكن الصحيح عنه الأول.
انظر: "الأم" للشافعي (٦/ ٦٥٤)، و"البرهان" للجويني (١/ ٣٧٢)، و"المحصول" للرازي (٣/ ١٢٥)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٢/ ٢٥٨)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٥٤٠)، و"البحر المحيط" للزركشي (٣/ ٢٠٢)، و"سلاسل الذهب" للزركشي (ص: ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>