للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثم أمرَ اللهُ سبحانَهُ وتَعالى الساداتِ بِمُكاتَبَةِ مَماليكِهِم إذا ابْتَغَوْها، وعلِموا فيهم خيراً، وقد اشتملَ أمرُ اللهِ تَعالى فيه على ثلاثةِ أحكامٍ:

الحكم الأول: أمرُ اللهِ تَعالى بالكِتابة: من أهلِ العلمِ مَنْ أطلقَه على الوُجوبِ والحَتْمِ، وهو قولُ عَطاءٍ (١)، وأبي حنيفةَ، وبعضِ المالكيةِ (٢)، وحَمَلهُ الجُمهورِ على النَدْب (٣)؛ لأنَّه لا يجبُ على السيِّدِ أن يعتقَ مملوكَه، ولا أن يبيعَهُ، والكتابةُ عِتْقٌ أَو بَيْعٌ، وإلى هذا ذهبَ مالكٌ والشافعيُّ (٤).

الحكم الثاني: الخيرُ لفظٌ مشتركٌ يقع على الخِيار، قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧].

ويقع على المال، قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠]، وقال اللهُ تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨].

ويقع على الصَّلاح، قال اللهُ تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٨١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٢٤٥).
(٢) الذي قال بالوجوب أهل الظاهر وعطاء، انظر: "المحلى" لابن حزم (٩/ ٢٢٢)، وانظر: "الهداية" للمرغيناني (٣/ ٢٥٣)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ١٣٤)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٨٠)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٧٩)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٣٤٤).
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٣٣٣)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٥٠٩)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٨/ ١٤٠)، و"المهذب" للشيرازي (٢/ ٩)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٥١٦).
(٤) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٣٦٩)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٨/ ١٤١، ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>