للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبِ التبنِّي، إلا أنْ يكونَ على وَجْهِ الخَطَأ، أو يقولَ الرجلُ للآخر: يا بني! على وَجْهِ اللُّطْفِ والشفقةِ، فقال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥].

* وكما حَرَّمَ اللهُ تعالى أن يتبنَّى مَنْ ليسَ بولدٍ لهُ، حَرَّمَ على المَرء أن ينتسب لغير (١) أبيه.

روى واثِلَةُ بنُ الأَسْقَع -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ أَفْرى الفِرى مَنْ قَوَّلَنِي ما لم أَقُلْ، ومَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ ما لَمْ تَرَ، ومن ادَّعَى إلى غيرِ أبيهِ" (٢).

٢١٨ - (٢) قوله جَلَّ جَلالُهُ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الأحزاب: ٦].

أقولُ: اشتملتْ هذهِ الآيةُ على ثلاثةِ أحكام:

الحكم الأول: جعلَ اللهُ سبحانَه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أَوْلى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهم، فإذا دَعاهُم إلى شيءٍ، ودَعَتْهم أَنْفُسُهم إلى شيءٍ آخرَ، كانَتْ طاعةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلى؛ كما قالَ تعالى في آيةٍ أخرى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، فكان نزولُها


(١) في "أ": "ينسب إلى غير".
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢/ ١٧١)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٢)، والطبراني في جزء "طرق حديث من كذب علي متعمداً" (١٦٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٤٨٣٠)، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" (١٢٨٩)، والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (٣/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>