للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعضُ أهلِ التفسيرِ: أباحَ اللهُ سبحانَهُ لَهُ أن يتركَ التَّسْوِيَةَ والقَسْمَ بَيْنَ أزواجِه، حَتَّى إنَّه لَيُؤَخرُ مَنْ شاءَ منهنَّ عنْ وقتِ نَوْبَتِها (١)، ويَطَأُ مَنْ شاءَ في غير نَوْبَتِها، وجعلَ ذلكَ من خصائِصِه - صلى الله عليه وسلم -، فيعودُ الضميرُ إلى أزواجِه اللاتي أمِرَ بِتَخْييرِهِنَّ، وبهذا قالَ أبو سعيدِ الإِصْطَخْرِيُّ من الشافعيةِ (٢).

وقالَ قومٌ: جعلَ اللهُ لهُ الخِيَرَةَ بينَ أنْ ينكِحَ، ويَتَّهِبَ مَنْ شاءَ، مِمَّنْ وَهبَتْ لهُ نفسَها، ويتركَ من شاءَ.

ففي "صحيح البخاري" و"مسلم" عن عائشةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنها- قالت: كنتُ أَغار على اللَّاتي وَهبْنَ أَنْفُسَهُنَ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأقولُ: أتهبُ المرأةُ نفسَها؟ فلمَّا أنزلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: ٥١]، قلتُ: ما أرى رَبَّكَ إلا يُسارِعُ في هواكَ (٣).

وعنْ مُعاذٍ عن عائشةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها-: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يستأذِنُ في اليوم المرأةَ مِنا بعد أن نزلت هذهِ الآية: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: ٥١]، قلت لها: ما كنتِ تقولين؟ قالتْ: كنت أقول له: إنْ كانَ ذلكَ إِليَّ، فإنِّي لا أُريد يا رسولَ اللهِ أَنْ أُوثِر عليكَ أحدًا (٤).


(١) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (٣/ ٥٣٨).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٢٥) و (٩/ ٥٧٠).
(٣) رواه البخاري (٤٥١٠)، كتاب: التفسير، باب: قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ...}، ومسلم (١٤٦٤)، كتاب: النكاح، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها.
(٤) رواه البخاري (٤٥١١)، كتاب: التفسير، باب: قوله: " {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ... .}، ومسلم (١٤٧٦)، كتاب: الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا=

<<  <  ج: ص:  >  >>