للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلكَ على الصحيحِ عندَ الشافعيَّةِ (١)، ورفع اللهُ سبحانَهُ عنهُ الجُناح في طَلَبِ مَنْ عَزَلَ مِنْهُنَّ، فيجوزُ أن يكونَ العَزْلُ عبارةً عن عدم الرغبةِ، فيجوز له أن يبتغيَ نِكاح مَنْ زَهِدَ في نِكاحِها، ورَغِبَ عنها، ويجوز أن تكونَ عِبارةً عن الطَّلاقِ، وهوَ الأقربُ -إنْ شاءَ اللهُ تعالى- (٢).

فتدكُ الآيةُ على أَنَّهُ لا جُناح عليهِ في طَلَبِ مَغزولَتِه ثلاثاً؛ إذِ الجُناحُ مرتفعٌ عَمَّنْ سِواه فيما دُونَ الثلاثِ، وهوَ الصحيحُ من الوجهينِ للشافعيةِ أيضاً (٣).

* إذا تَمَّ هذا، فقدِ اختلفَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ في هذهِ الآيةِ، هلْ هيَ ناسخةٌ، أو منسوخَةٌ؟ وها أنا أُبيِّنُ ذلكَ في قولهِ تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] الآية، فأقولُ:

اختلفَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ في هذهِ الآيةِ.

فرويَ عن مجاهدٍ وسعيدِ بنِ جُبيرٍ أَنَّهما قالا: إنما حَرَّمَ اللهُ سبحانَهُ على نبيِّهِ نِكاحَ الكوافِرِ منْ أهلِ الكِتابِ، ومَعْنى (من بعد) أي: من بعد المسلمات؛ لئلا تكونَ كافرةٌ أما للمؤمنين، فذهبَا (٤) إلى التأويل (٥).


(١) قال الشافعي في "الأم" (٥/ ١٤١): أباح له من العدد ما حظر على غيره، وقال الماوردي في "الحاوي الكبير" (٩/ ١٦٧): قد أبيح له النساء من غير عدد محصور، وما أبيح للأمة إلا عدد محصور، وليس وإن مات عن تسع يجب أن يكون هي العدد المحصور.
(٢) انظر: "تفسير السمعاني" (٤/ ٢٩٨).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" (٩/ ٢٥٢٤).
(٤) في "أ": "فذهب".
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٤/ ٢٢٠)، و "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (١/ ٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>