للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما بقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: ٥١] وهو مرويّ عن على وابنِ عباسٍ أيضاً (١).

وإمّا بقولهِ تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: ٥٠]، كما قالَهُ بعضُ مُصَنِّفي الناسخِ والمنسوخ (٢).

وفي "صحيح مسلم" عن عائشةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها- قالت: ما ماتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحَل اللهُ لَهُ المنّسوخ (٣).

قال الشافعيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: وأحسِبُ قولَ عائشةَ: حَّتى أحلَّ اللهُ لهُ النساءَ؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: ٥٠]، فذكرَ اللهُ ما أحلَّ له، فذكر أزواجَهُ اللاتي آتى أُجورَهُنَّ، وذكرَ بناتِ عَمّه، وبَناتِ عَمَّاتِه، وبَناتِ خالِه، وبناتِ خالاتهِ، وامرأةً مؤمنةً إنْ وَهبْتَ نَفْسَها للنبيّ، فدلَّ ذلك على أنه أحلَّ له مع أزواجِه مَنْ ليسَ بزوجٍ يومَ أحلَّ لَهُ، وذلكَ أنه لم يكنْ عندَه من بَناتِ عَمِّه ولا بَناتِ عَمَّاته، ولا بَناتِ خالِه، ولا بَناتِ خالاته امرأةٌ، وكانَ عندَه عِدَّةُ نِسْوَةٍ (٤).

* فإنْ قلتَ: فهلْ تحريمُ طَلاقِهِنَّ باقٍ، أو نُسِخَ كما نُسِخَ تَحريمُ الزواجِ


(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٤/ ٢١٩).
(٢) انظر: "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (٢/ ٦٢)، و "البرهان في علوم القرآن" للزركشي (٢/ ٣٨).
(٣) لم أره في "صحيح مسلم"، وإنما رواه النسائي (٣٢٠٤)، كتاب: النكاح، باب: ما افترض الله -عز وجل- على رسوله -عليه السلام- وحرمه على خلقه ليزيده إن شاء الله قربة إليه، والترمذي (٣٢١٦)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الأحزاب، والإمام أحمد في "المسند" (٦/ ٤١)، وعبد الرزاق في "المصنف " (١٤٠٠١)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٦٩١٦)، عن عائشة.
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ١٤٠ - ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>