ويُروى عن الشعبيِّ وعمرَ بنِ الخطابِ وابنهِ -رضي الله تعالى عنهم-.
فإن قلتَ: فهل نجدُ دليلاً من السنَّةِ يدلُّ على أنَّ الصلَواتِ مَحَلٌّ للصلاةِ على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - غيرَ ما ذكرتَ؟ قلتُ: نعم، رَوى أبو مسعودٍ الأنصاريُّ -رضيَ اللهُ تعالى عنه- قال: أقبلَ رَجُل حتى جَلَسَ بين يَدَيْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحنُ عندَهُ، فقال: يا رسولَ اللهِ! أَمَّا السلامُ عليكَ، فَقَدْ عَرَفْناهُ، فكيفَ نُصَلِّي عليكَ إِذا نَحْنُ صَلَّيْنا عَلَيْكَ في صَلاتِنا صَلَّى اللهُ عليكَ؟ فَصَمَتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتّى أحْبَبْنا أنَّ الرجلَ لم يسألْه، ثم قالَ:"إذا أنتمْ صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمدٍ النَّبِيِّ الأمِّيِّ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كما صَلَّيْتَ على إبْراهيمَ وعَلى آلِ إبْراهيمَ، وبَارِكْ على مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأميِّ وآلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكْتَ على إبْراهيمَ وعَلى آلِ إبْراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ"(١)، فالسائِلُ إنَّما سألَه عن صِفَةِ الصَّلاةِ عليهِ، لا عَنْ مَشْروعِيَّتِها، وكلامُ الصَّحابِيِّ يدلُّ على أنَّ الصلاةَ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاةِ أَمْرٌ مشروعٌ مقررٌ معهودٌ، فافتقرَ إلى السُّؤالِ عنْ صِفَتِها الكامِلَة، ولم يفتقرْ إلى السُّؤالِ إلى أصلِ مشروعيتِها.
فإن قلتَ: فهل نجدُ دَليلاً أَبْيَنَ من هذا؛ فإنه يحتملُ أن يكونَ معنى قولِ السائلِ: كيفَ نُصَلِّي عليكَ إذا نحنُ صَلَّيْنا عليكَ في صَلاتِنا باختيارِنا، لا بِعَزيمةٍ علينا؟
قلنا: روى عبدُ الرحمنِ بنُ أَبي لَيْلى، عَنْ كعْبِ بنِ عُجْرَةَ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّه كانَ يقولُ في الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحمد وآلِ مُحَمَّدٍ كَما صلَّيْتَ عَلى إبْراهيمَ وآلِ إبْراهيمَ، وبارِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كما بارَكْتَ