للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهبَ الحَسَنُ، وعطاءٌ، والأوزاعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأحمدُ، وإسحاقُ إلى أنه لا يدخُل وقتُها حتى يُصَلّيَ الإمامُ ويخطُبَ، وإن لم يذبحْ (١).

وذهبَ مالكٌ إلى أنه لا يدخُل وقتُها إلا بذَبْحِ الإمامِ (٢)، واستدلَّ بحديثِ أبي بُردَةَ بنِ نِيار.

والاستدلالُ بهِ مدخولٌ؛ لأنه وردَ في بعضِ روايتِه أنهُ ذبحَ قبلَ الصَّلاةِ، فأمرهُ (٣) رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يعيدَ الذبحَ، ولا شَك في أن القصةَ واحدةٌ، وأنه إذا ذبحَ قبلَ الصَّلاة، فقد ذبحَ قبلَ ذبحِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا عكسَ، ولو جعلنا الذبحَ هو الوصفَ المؤثّرَ في عدم الإِجزاء؛ لتعارض الروايتان عنه في وقتٍ واحدٍ، وامتنعَ العملُ بهما جمَيعاً، وكان الرجوعُ إلى الحديثِ المعارِض لهما أَوْلى من العملِ بإحداهُما، ولو ترجَّحَتْ إحداهُما على الأخرى، فدلَّ على أن الوصفَ المؤثرَ في الحُكْمِ هو الصلاةُ كَما جاءَ في حديثِ أَنسٍ والبَراءِ، ولأنَّ التعليقَ بالصَّلاةِ عرفَ من قوله - صلى الله عليه وسلم -، والتعليقَ بالذبحِ عُرِفَ من قولِ الصَّحابِيِّ أو التابعيِّ؛ لأنه لو كانَ الذبحُ شرطَه، لَبَيَّنَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِما فَرَضَ اللهُ عليهِ من البَيان عندَ الحاجَةِ؛ إذ صدورُ بيانِه - صلى الله عليه وسلم - كانَ في يومِ العيِد عندَ فعلِ هذهِ العبادةِ.

وقد مضى الكلامُ على انتهاءِ مدةِ الذبْحِ في "سورةِ الحَجِّ".


(١) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٧٣)، و"الهداية" للمرغيناني (٤/ ٧٢)، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" لابن قدامة (١/ ٢٣١)، و"شرح مسلم" للنووي (١٣/ ١١١).
(٢) انظر: "المدونة الكبرى" (٣/ ٦٩)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٢٣/ ١٨٨).
(٣) في "ب": "وأمره".

<<  <  ج: ص:  >  >>