كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن

سورة الطلاق - من أحكام الطلاق - ج: 4 - ص: 261

فإن خالفَ الرجلُ وطلَّقَ امرأتَه لغيرِ عدَّتِها التي أمرَ اللهُ تَعالى أن يطلَّق لها النساءُ؛ بأن طَلَّقها في الحَيْض؛ كما فعلَ ابنُ عمرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما-:

فقالَ بعضُ أهل الظاهرِ: لا ينفذُ طلاقهُ (١)، وهو خَطَأٌ؛ فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَهُ بالرَّجعة، ولا تكون الرجعةُ إلَّا بعدَ وقوعِ الطلاقِ.

وفي بعض رواياتِ هذا الحديثِ عنِ ابنِ عمرَ -رضيَ الله تعالى عنهما- قال: حُسِبَتْ عليَّ بتطليقة (٢).

ثم قال سائرُ أهلِ العلم: يؤمَرُ بالرجعةِ كما أمرَ النبيّ -صَلَّى الله عليه وسلم - ابنَ عمرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما- إمّا وُجوباً، فإذا امتنعَ أجبَرهُ السُّلطانُ كما رآهُ مالكٌ (٣)، وإمّا استحباباً كما رآهُ أبو حنيفةَ، والشافعيّ، وأحمدُ (٤)، والثوريُّ (٥).

وقولُ مالكٍ، أظهرُ، وقولُ أبي حنيفةَ والشافعيِّ، أَقْيَسُ.

ثم إذا امتثلَ وراجعَ فإلى مَتى يمتدُّ تحريم الطلاق؟

ذهب مالكٌ والشافعيُّ إلى أنَّه يمتدّ إلى أن تطهرَ ثم تحيضَ، ثم تطهرَ،

---

(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ١٦٣)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٤٢).
(٢) رواه البخاري (٤٩٥٤)، كتاب: الطلاق، باب: إذا طلقت الحائض يُعتد بذلك الطلاق.
(٣) انظر: "المدونة الكبرى" (٤/ ١٥٣)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٤١).
(٤) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٨٦)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ١٢٣)، و "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٦٠)، و "المغني" لابن قدامة (٧/ ٢٧٧).
(٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٤٤).