للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ حديثُه أنقصَ، ففي هذهِ دلائلُ على صِحَّةِ مخرجِ حديثهِ.

ومتى خالفَ ما وَصَفْتُ، أضرَّ بحديثه حتَّى لا يسع أحداً قَبولُ مُرْسَلِهِ.

ثم قالَ بعدَ كلامٍ: فأمَّا مَنْ بعدَ كِبارِ التَّابعينَ الذين كَثُرَتْ مشاهدتُهم لبعضِ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا أعلمُ منهمْ واحدًا يُقْبَلُ مُرْسَلُهُ لأمورٍ:

أحدُها: أنَّه أشدُّ تجوُّزاً فيما يروون عنه.

والآخَرُ: أنَّه يُؤخَذُ عليهم الدلائلُ فيما أرسلوه بضَعْفِ مخرجهِ بكثرةِ الإحالةِ في الأخبارِ، وإذا كَثُرَتِ الإحالةُ، كانَ أمكنَ للوَهْم وضعفِ مَنْ يُقبلُ عنهُ.

ثم قال أيضاً بعد كلامٍ آخَرَ: ومن نَظَر في العلم بِخِبرَةٍ وقلةِ غفلةٍ، استوحشَ من مُرْسَلِ كلِّ مَنْ دونَ كبار التَّابعينَ بدلائِلَ ظاهرةٍ فيها، فإن قالَ قائِلٌ: فَلِمَ فَرَّقْتَ بينِ التَّابعينَ المتقدِّمينَ الذين شاهدوا أصحابَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وبينَ مَنْ شاهدَ بعضهَم دون بعض؟ قلتُ له: لِبعدِ إحالَةِ مَنْ لم يشاهدْ أكثرَهُم (١).


(١) انظر كلام الإمام الشَّافعي في: "الرسالة" (ص: ٤٦١ - ٤٦٧).
وقد اختلف العلماء في الاحتجاج بالمرسل إذا كان مُرسِلُه ثقة، على مذاهب:
الأول: أنَّه يحتج به، وهو قول مالك وأبي حنيفة، والصحيح عن أحمد.
الثَّاني: أنَّه لا يحتج به، فهو ضعيف، وهو قول المحدثين، والكثير من الفقهاء والأصوليين.
الثالث: أنَّه يحتج به بأحد شروط، بعد أن يكون الراوي من كبار التّابعين، ولا يروي عن الضعفاء:

١ - أن يُروى مسنداً من وجه آخر.

٢ - أن يروى مرسل نحوه عن راو آخر لم يأخذ عن شيوخ الأول.

٣ - أن يوافقه قول بعض الصّحابة.

٤ - أن يقول به عوام أهل العلم.=

<<  <  ج: ص:  >  >>