للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك عن الله تعالى بالقولِ كما أمَرهُ بالبيان، فلا يتخلفُ - صلى الله عليه وسلم - عنْ أمر ربه سبحانه.

فإن قيل: فقد بين بالفعل، فغسلَ قدميهِ.

قلت: الفعلُ لا يكون بيانًا لرفع الفِعْلِ الأولِ في مقامِ النسخِ.

فإن قيلَ: فإذا كان الكتابُ العزيزُ لا يبينُه إلاّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، والسُّنَّةُ كالقرآن في اتِّساعِ المعاني المذكورةِ في اللسانِ العربيةِ، فمن يُبينُ لنا عمومها أنه على عُمومِه، أو على غير عُمومِه؟ وأن ألفاظَ السنَّةِ على ظواهرِها، أو على غيرِ ظواهرِها؟

قلنا: إمَّا أن تبُينها سنةٌ أخرى مثلُها، أو قولُ عامَّةٍ من أهلِ العلمِ، أو الراوي الذي حملَ الحديثَ سماعًا منه - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فُتتركُ على عُمومها، ولا يعدلُ بها عن ظواهرها إلا بدليلٍ ممَّا ذكرنا، هكذا ذكر الإمام أبو عبد الله الشافعيُّ رضي الله تعالى عنه (١).

وها أنا أبينُ -إن شاء الله تعالى- في مقاصد كتابي هذا فرائضَ القرآنِ وأحكامَهُ، وحلاَلَهُ وحرامَهُ، على مَبْلَغِ عِلْمي، ومُنْتَهى فَهْمي، وأوثرُ فيهِ الاختصارَ على التطويلِ والإكثارِ؛ لكونه عِلْمًا لا تُدْرَك غايتُه، ولا تُنال نهايتُه، وقد يُنالُ بقليل القول ما لا يُدْرَكُ بكثيرهِ.

وأسألُ الله الكريمَ المَنَّانَ الهِدايَة والرِّعَايةَ والعِصْمةَ والوقايةَ، بفضلهِ ورحمتهِ، آمين.


(١) انظر: "الرسالة" (ص: ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>