للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المُؤَوِّلونَ،- فاختلفوا أيضًا:

فقال مجاهد والحسنُ: لما نزلت: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]، قالوا: أينَ ندعوهُ؟ فأنزل الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (١) [البقرة: ١١٥]، هكذا نقل البَغَوِيُّ (٢).

وقال بعضهم (٣): {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا} معناه: فأيَّ مكانٍ تصلون فيه، فثمَّ وجهُ الله، فقد جُعِلَتْ لكمُ الأرضُ مسجدًا.

وقال بعضُ أصحابِ المعاني (٤): هيَ مخصوصةٌ بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حين صَلَّى على النجاشِي، واستقبلَ جهتَهُ (٥).

وأما المخصصون بالمصلين، فقال ابنُ عباسٍ - رضي الله تعالى


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ١٥٩)، وابن المنذر في "تفسيره" (١/ ٢٦٧ - الدر المنثور).
(٢) انظر: "معالم النزيل" للبغوي (١/ ١٥٨). وانظر: "تفسير الطبري" (١/ ٥٠٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٧٩).
(٣) هذا قول الزمخشري والبيضاوي. انظر: "الكشاف" (١/ ٣١٤)، و"أنوار التنزيل" (١/ ١٣٠).
(٤) نقله المؤلف -رحمه الله- عن مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص: ١٣٢). وإليه ذهب القرطبي في "تفسيره" (١/ ١/ ٧٨) ونسبه إلى علماء المالكية، قال: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: النبي بذلك مخصوص، لثلاثة أوجه ... إلخ.
(٥) روى ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٠٤)، وابن المنذر في "تفسيره" (١/ ٢٦٧ - الدر المنثور) عن قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات، فصلوا عليه"، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟! قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ}. قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>