للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما جميع الليل، وإما وقت هذه الصلاةِ لمن ضاقَ وقتُ وقوفه؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن أدركَ عرفةَ قبلَ أن يطلعَ الفجرُ، فقدْ أدركَ الحَجَّ" (١)؛ إذ علَّق تمامَ الحَجِّ عليهما، وهذا تأويل حسن قوي -إن شاء الله تعالى-، والواو تُستعملُ بمعنى (أو) كثيراً في اللسان، قال الشاعر (٢): [البحر الطويل]

وَقَالوا نَأَتْ فَاخْتَرْ مِنَ الصبْرِ والبُكَا

ومنه قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣].

* وقال قوم: المشعرُ الحرامُ اسمٌ لجبلٍ من جِبال المزدلفةِ خاصَّةً يُسَمى: قُزَحَ (٣).

واحتجوا بقولِ جابر -رضيَ الله تعالى عنه- في حديثه: فلما أجاز رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منَ المزدلفة بالمشعرِ الحرام، لم تشُكَّ قريشٌ أنهُ سيَقتصرُ عليه، ويكونُ منزلُه ثَم (٤).

ولا شكَّ في استحبابِ الوقوفِ به (٥)، وقد أجمع المسلمونَ على عدمِ


(١) تقدم تخريجه في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي: "الحج عرفة".
(٢) هو كثير عزّة، كما في "ديوانه" (ق ٤/ ٤٢)، (ص: ١١٤).
وتمام البيت:
فقلتُ البُكا أشفى إذاً لغليلي
(٣) قال النووي: المراد به -أي: المشعر الحرام- هنا هو: قُزَح -بضم القاف وفتح الزاي وبحاء مهملة-، وهو جبل معروف في المزدلفة، وهذا الحديث حجة الفقهاء في أن المشعر الحرام هو قزح. انظر: "شرح مسلم" (٨/ ١٨٩)، و"المجموع" (٨/ ١٥٧).
(٤) رواه مسلم (١٢١٨)، كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٧/ ٣٠١)، و "المغني" لابن قدامة (٥/ ٢٨٢)، و"شرح مسلم" (٨/ ١٨٩)، و"المجموع" كلاهما للنووي (٨/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>