للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونُقل عن أكثر العُلماءِ خلافُهم، وقالوا: هذهِ الآيةُ منسوخةٌ (١) بقوله سبحانَهُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٢) [التوبة: ٥]، وبقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٣٦]؛ كما قاله الزهريُّ (٣).

وما ذكرهُ هؤلاءِ الجَماعةُ لا يجوزُ أن يكونَ ناسِخاً لآية البقرة؛ لأن (حيثُ) كلمةٌ معناها عمومُ الأمكنةِ، والأمكنةُ لا تُعارضُ الشُّهورَ والأزمانَ، ولا نسخَ معَ عدمِ التعارض.

وأما قولُه تَعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: ٢٩]؛ فإن الأمرَ بالقتال مُطْلَقٌ في جميع الأحوال، مقيَّدٌ بإعطاءِ الجزية، والنهيُ عن القتالِ في الشهرِ الحرامِ خاصٌ ببعض الأزمان، فلا تَعارُضَ بينَهُما، فلا يجوزُ القولُ بالنسخِ، بل يجوزُ تَخصيصُ إطلاق قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} بالنهيِ عن القِتال في الشَّهْرِ الحَرام؛ لخصوص هذا، ولعموم ذلك، ولقوله تَعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥].

وأما قولُه تَعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣]،، فقد تقدَّمَ بيانُه أيضاً.

وأما قولُه تَعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦]، فإنَّها


(١) انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٦٠)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (٢/ ٢٧)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: ١٩٧).
(٢) في "ب" زيادة "ولقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وبقوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ".
(٣) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣٥٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>