للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، لم يحبطْ عملُه قبلَ الرِّدَّةِ، ولم يجبْ قضاؤه، وبهذا قال الشافعي (١).

وذهبَ مالكٌ، وأبو حنيفَة (٢) إلى أن العمل يَحْبَطُ بنَفْسِ الردَّةِ، فإنْ عادَ إلى الإسلام، كان عليه قضاءُ الحج دونَ الصَّلاةِ والصِّيامِ؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: ٥] [ولقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) [الزمر: ٦٥].

ودليلُ الشافعيِّ أظهرُ؛ لأنَّ الردَّةَ فيهِ مقيدَة بالمَوتِ، وفي غيرهِ مطلَقَةٌ، والمطلقُ مُرَتَّب على المُقَيَّدِ، ولا يجوزُ أنْ يُقالَ: التقييدُ ذُكِرَ ليترتَّبَ عليهِ العقابُ والخُسرانُ؛ لأنَّ الخُسرانَ مذكور في آياتِ الإطلاق.

* وفيها دليلٌ على عدمِ إبطالِ العملِ الدُّنْيَوِيِّ؛ كإبطالِ بَيْعهِ ونِكاحه وسائرِ تصرفاتِه، وإزالة ملكه، إلا أنْ يموتَ على غيرِ الإسلام، وهو الصحيحُ من أقوال الشَّافعيّ (٤).


(١) وهو مذهب الحنابلة. انظر: "تفسير الرازي" (٣/ ٢/ ٤٠)، و"السراج المنير" للشربيني (١/ ٢٢٢)، و "الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٣٣٨).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ١٦١)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٢٠٧)، و"شرح شرح النخبة" للقاري (ص: ٥٧٦). وانظر: "الذخيرة" للقرافي (٤/ ٣٣٧)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٦/ ٣٠٣).
(٣) ما بين معكوفتين ليس في "ب".
(٤) وبه قال الحنفية والحنابلة. انظر: "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ٧٨)، و"الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٣٣٩)، و"الاختيار لتعليل المختار" للموصلي (٢/ ٤١٩).
أما المالكية فقالوا: يسقط عنه ما تركه من حقوق الله تعالى؛ بمعنى: أنه لا يطالب بها بعد عودته إلى الإسلام؛ كالصلاة والصوم والزكاة والحد والنذر=

<<  <  ج: ص:  >  >>