للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ثبت أن الطُهْرَ مَحَلُّ الطلاق، ثبتَ أنه محلُّ العدة (١). وهذا دليل واضح من جهة السمع.

أما من جهة المعنى المتعلق بالوضع:

- فإنهم احتجُّوا بأن هذا الجمع خاصٌ بالقَرْءِ الذي هو الطُّهر، وأما القُرْءُ الذي بمعنى الحَيْض، فإنه يجمع على أقراء، لا على قروء، وحكوا هذا عن ابن الأنباري -واستدلوا بتذكير العدد على تذكير المعدود، والطُّهْر مذكَّرٌ، والحيضة مؤنثة، ولو كانت مرادة لأَنَّثَ العَدَدَ.

- واستدلوا بالاشتقاق؛ لأنه مشتق من قولهم: فلان يُقْرِئُ الماءَ في حوضه، أي: يجمعه، فالقَرء هو الحبس والجمعُ، والطهر إذا كان وقتًا فهو أولى في اللسان بمعنى القَرء، ولأنه حَبْسُ الدم.

واحتج القائلون بالثاني:

- بأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر في سَبْيِ أَوْطاسٍ أَنْ يُسْتبرأْنَ قَبلَ أَنْ يُوطَأنَ بحيضة (٢)، والعِدَّةُ استبراءٌ، فاستبراءُ الحُرَّةِ بثلاث حِيَضٍ كَوامِلَ، تخرج منها إلى الطُّهرِ، كما تستبرئ الأمةُ بحيضةٍ كاملةٍ، تخرج منها إلى الطهر.

- ولأن الحيضَ ممّا يجيء لوقتٍ، وأما الطهرُ فأصلٌ، فكان الحيض في اللسان أولى بمعنى القَرء؛ لأن المواقيتَ والعلاماتِ أقلُّ ممّا بينهما، والحيضُ أقلُّ من الطُهر فهو في اللغة أولى للعدة أن تكون وقتاً؛ كما يكونُ الهلالُ وقتاً فاصلاً بين الشهرين.


= الطلاق، باب: تحريم طلاق الحائض بغير رضاها.
(١) في "أ": "العدد".
(٢) روى الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٢٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٢٤)، عن أبي سعيد الخدري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبي أوطاس: "لا يقع على حامل حتى تضع، وغير حامل حتى تحيض حيضة".

<<  <  ج: ص:  >  >>