للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال جَلَّ جلالُه: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء: ١٩]، والمراد: إذا جاءت بفُحْشٍ، أو نشُوزٍ، أو بفاحشة من زنى .... ، فهي لم تقم حدود الله، وهذا تخصيص يقيد إطلاق الآيتين.

وقد جاءت السنة ببيان ذلك وتحليله أيضاً؛ كما روت عَمْرَةُ بنتُ عبد الرحمن، عن حَبيبةَ بنتِ سهل: أنها أتتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في الغَلَس، وهي تشكو شيئا ببدنها، وهي تقول: لا أنا ولا ثابتُ بنُ قَيْس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ثابتُ! خُذْ منها" فأخذ منها، وجلست (١).

* واختلفوا فيما إذا كانت الحال مستقيمة بين الزوجين، وتراضيا على الخُلْع (٢).

- فقال مالك والشافعيُّ وأبو حنيفةَ وأكثرُ أهل العلم: يصحُّ الخُلْع (٣)، ويحل له ما بذلَتْ له؛ لقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤]، ولم يفرق.

- وقال النخعيُّ والزهريُّ وعطاءٌ وداودُ وأهلُ الظاهرِ وبكرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزَنيُّ: لا يصحُّ الخُلْعُ، ولا يحلُّ له ما بذلت، واختاره ابنُ المنذرِ (٤)؛ لما في الآيةِ من الحصر والتقييد.


(١) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٢٦٣)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (٢٢٧٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣١٣).
(٢) الخُلْع: هو طلاق المرأة ببدلٍ منها أو من غيرها. ومثله المخالعة والتخالع. "القاموس" (مادة: خلع) (ص: ٦٤٢).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٧)، و"المغني" لابن قدامة (١٠/ ٢٧١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٣٠).
(٤) وروي عن ابن عباس، وروي عن الإمام أحمد أنه يحرم في هذه الحال ويصح، =

<<  <  ج: ص:  >  >>