للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حال المسايَفَة (١)؛ لمخالفة الأصول.

وفي قوله نظر؛ لأن صلاة الخوف إنما جازت مخالفتُها للأصولِ للضرورة، والضرورة موجودةٌ في شدة الخوف، بل أقوى، ولأن الأصول شاهدةٌ بأنه لا يجوزُ تأخيرُ العبادة عن وقتها المعيَّن لها؛ كما فعل في منع الجمع بين الصلاتين.

والحجةُ في بيانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن الله سبحانه وتعالى، فإن كانَ ابنُ عمرَ -رضي الله تعالى عنهما- قال ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما ظنه نافعٌ، فالحجةُ في قوله ظاهرةٌ، وإن كان من تفسير ابن عمرَ -رضي الله تعالى عنهما-، فتفسير الصحابيِّ مقبولٌ معمولٌ به؛ لأنه أعرَفُ بمواردِ كتابِ الله عزَ وجلَ.

* ثم عندي إشكالٌ آخرُ، وهو أن أهل العلم بالحديث والسِّيَرِ اتفقوا، أو أكثرُهم، على أن صلاةَ الخوف إنما فرضَتْ بعدَ الخندق (٢)؛ كما سيأتي ذكر ذلك وإيضاحُه -إن شاء الله تعالى- في "سورة النساء".


= قال فيها: فإن اشتدَّ الخوف صلوا ركبانًا فرادى، يومِئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، وسقط التوجه للضرورة.
(١) فإن صلوا حال المقاتلة، بطلت صلاتهم عند الحنفية. انظر: "البناية" للعيني (٣/ ١١٩).
(٢) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ١١)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٨٢)، و"شرح مسلم" للنووي (٥/ ١٣٠)، و"فتح الباري" لابن حجر (٧/ ٥٣١) وصححه، وقال في (٧/ ٥٣٩): إذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف في عسفان، وكانت في عمرة الحديبية وهي بعد الخندق وقريظة، وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع وهي بعد عسفان، فتعيَّن تأخرها عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>