للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأولى أن يخصَّ بالحديث عمومُ الآية؛ لأنه لو كان الزادُ والراحلة مختصين بغير المستطيع، لبيَّنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ السؤال، لأن تأخير البيان في هذه الحالة غيرُ جائز.

ولهم أن يقولوا: الحديثُ ضعيفٌ عندُ جمهورِ أهل العلم بالحديث، فتضعفُ معارضتهُ لعمومِ الآية.

ويحكى القولُ بمثل مذهبِ مالك عن عبد الله بن الزبير، والشعبيِّ.

وقال الضحاك: إن كان شابًا قويًّا صحيحًا، ليس له مال، فعليه أن يُؤَاجِرَ نفسَهُ بأَكْلِهِ أو عَقِبهِ (١)، حتى يقضيَ حَجَّهُ، فقال له مقاتل: كلفَ اللهُ الناسَ أن يمشوا إلى البيت؟، فقال: لو أن (٢) لبعضِهم ميراثاً بمَكَّة (٣)؟ أكانَ تارِكَهُ؟ بل ينطلقُ إليه ولو حَبْوًا، كذلك يجبُ عليه الحجُّ (٤).

وقولُ الشافعيِّ وأبي حنيفةَ عندي أولى؛ لوجوه:

أحدها: لما فيه من التيسير والسماحة الموافق لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، ولقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بُعِثْتُ بالحنيفيةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَة" (٥).


(١) العُقْبة: الموضع الذي يركب فيه، وتعاقب المسافران على الدابة: ركب كل واحد منهما عقبه، وفي الحديث: "فكان الناضح يعتقبه منا الخمسة"؛ أي: يتعاقبون في الركوب واحدًا بعد واحد. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣/ ٤٠١)، (مادة: عقب).
(٢) في "ب": "كان".
(٣) في "ب": "في مكة".
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٤/ ١٧).
(٥) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (٧/ ٢٠٩)، عن جابر بن عبد الله، بهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>