للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمنا أنَّ البيعَ هو التعاقدُ الناقلُ لملك أحدِهما إلى الآخر، وأن التساومَ من مقدِّمات البيعِ، ولما وجدْنا الإشارةَ إليه في الحديثِ كثيرةً؛ كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - لحبانَ بن مُنْقِذٍ: "إذا بِعْتَ، فَقُلْ: لا خِلابَةَ، وأنتَ بالخِيارِ ثَلاثاً" (١)، وكما قدمنا في حديثِ ابنِ عُمر -رضي الله تعالى عنهما- من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهما الآخَرَ" (٢)، وغير ذلك من الإشارات المستلزمةِ للتعاقد، فدل على أنه من عادِتهم، فخاطبهم اللهُ -سبحانه وتعالى- بلُغَتِهم الجاريةِ على عادتهم (٣).

نعم جرتِ العادةُ بعدمِ التساومِ والتعاقدِ في المالِ الحقير، فينبغي أن يُكْتفى فيه التعاطي؛ لأنه يسمى بيعاً لغةً وعرفاً.

واختاره جماعةٌ من الشافعيةِ (٤).

وأما أبو حنيفةَ، فلم يشترطِ التعاقُدَ في التبايُعِ؛ أخذاً بظاهرِ الخطاب (٥).


= يأذن أو يترك، عن أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم.
وروى الشطر الثاني منه "ولا يبع على بيع أخيه": البخاري (٢٠٣٢)، كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك، ومسلم (١٤١٢)، كتاب: النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، عن عبد الله بن عمر.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "المجموع" للنووي (٩/ ١٥٤).
(٤) انظر: "المجموع" للنووي (٩/ ١٥٥).
(٥) وكذلك صحح بيع المعاطاة الإمام مالك والإمام أحمد. انظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٤)، و"الإنصاف" للمرداوي (٤/ ٢٦٣)، و"الفروق" للقرافي (٣/ ٢٦٤)، و"المبسوط" للسرخسي (١٩/ ٦١)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>