للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، قال الله تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨)} (١) [التوبة: ١١٨].

قال ابنُ عباسٍ: فكما لا ينفعُ مع الشركِ إحسانٌ، كذلكَ نرجو أن اللهَ يغفرُ ذنوب المُوَحِّدين (٢).

فإن قالَ قائل: فقد رويتُم النسخَ بآيةِ القتل (٣) لآية الفرقانِ (٤) عن ابنِ عباسٍ وزيدِ بن ثابتٍ رضي الله تعالى عنهم (٥).

قلنا: أما قولُ زيدِ بنِ ثابتٍ، فمحمولٌ على أن الغليظة نسخت من اللينة، ليَّنَها الهنيء (٦) الذي لا نَكَدَ (٧) فيه، وأما حكمُها فلم تنسخه.

وأما ابنُ عباس، فلم يقلْ بالنسخِ، وإنما حَمَل آيةَ الفرقانِ على المشركين، وحمل آيةَ النساءِ على المؤمنِ الذي التزمَ أحكامَ المؤمنين.

وأما روايةُ سعيدِ بنِ جبير عن ابن عباس: أن هذه مكيةٌ، وتلكَ مدنيةٌ نسختها (٨).


(١) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣١٥) وعزاه إلى ابن جرير وابن المنذر.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ١٣٠). وانظر: "تفسير ابن كثير" (٣/ ١٤٠)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٥٣٤).
(٣) أية القتل هي: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء: ٩٣].
(٤) آية الفرقان هي: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠].
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) "الهنيء": ليست في "أ".
(٧) "نكد": ليست في "أ".
(٨) رواه البخاري (٤٤٨٤)، كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة الفرقان، ومسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>