قال ابن اسحاق: وحدثنى يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى عمرة، عن يزيد بن طلحة بن ركانة، قال: لما أقبل على رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستخلف على جنده الذي معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع على رضي الله عنه. فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل قال: ويلك؟ ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس. قال: ويلك! انزع قبل أن تنتهى به إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
قال ابن اسحاق: فحدثنى عبد الله بن عبد الرحمن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبى سعيد الخدري، قال: اشتكى الناس علياً رضوان الله عليه، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فينا خطيباً، فسمعته يقول: أيها الناس، لا تشكوا عليا، فوالله إنه لأخشن في ذات الله، أو في سبيل الله، من أن يشكى.
خطبة الرسول في حجة الوداع
قال ابن اسحاق: ثم مضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حجه، فأرى الناس مناسكهم، وأعلمهم سنن حجهم، وخطب الناس خطبته التي بيَّن فيها ما بيَّن، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس، اسمعوا قولى: فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا الموقف أبداً، أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من أئتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رءوس أموالكم، لا تظَلمون ولا تظُلمون. قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان