للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسترضعاً في بنى ليث، فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية. أما بعد أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم، أيها الناس: إن النسىء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، ورجب ... مضر (١) ، الذي بين جمادى وشعبان.

أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لايأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع، وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان (٢) . لايملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولى، فإنى قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبداً، أمراً بيناً كتاب الله وسنة نبيه، أيها الناس اسمعوا قولى واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم، اللهم هل بلغت؟ فذكر لي أن الناس قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم اشهد (٣) .


(١) ورجب مضر: إنما قال لأن ربيعة كانت تحرم رمضان، وتسميه رجباً، فبين عليه الصلاة والسلام أنه رجب مضر لا رجب ربيعة، وأنه الذي بين جمادى وشعبان.
(٢) عوان: جمع عانية وهى الأسيرة.
(٣) السيرة النبوية ٤/٦٠٣ -٦٠٤.

<<  <   >  >>