للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما حرم الله المسافحة على الرجال في هذه الآية الكريمة - حرم المسافحة واتخاذ الأخدان على الرجال والنساء جميعا في قوله تعالى: ""مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ "" (١) ، وقوله سبحانه: "" ُمحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ "" (٢) وأين الزواج المؤقت بليلة ونحوها من اتخاذ الأخدان؟

ثم رتب بالفاء على ذلك الزواج الذى يعقد للمقاصد التي أرادها الخالق سبحانه: من الإحصان وتحصيل النسل، دون المسافحة واتخاذ الأخدان، قوله تعالى: ... "" فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً "".

وحقيقة الاستمتاع فيه تحصيل المتعة واللذة، ويشمل بإطلاقة الوطء والتقبيل وغيرهما، والمعنى استمعتم به ـ بوطء أو غيره ـ منهن، أي ممن تزوجتموهن مما أحله الله لكم ـ فقد وجب إعطاؤهن مهورهن كاملة.

وروى عن ابن جرير عن ابن عباس أنه قال في تفسير هذه الآية: " إذا تزوج الرجل منكم المرأة، ثم نكحها مرة ـ فقد وجب صداقها كله ".

فالآية دليل على أن المهر يجب أو يتأكد وجوبه كاملا بالاستمتاع، لا بعقد الزواج وحده (٣) . ومن زعم أن الاستمتاع هنا مصروف عن معناه إلى عقد زواج مؤقت فعليه الدليل (٤) .


(١) النساء: ٢٥.
(٢) المائدة: ٥.
(٣) راجع ما يتأكد به المهر فيما يأتى، وانظر ما قاله مالك وأحمد بن حنبل في ذلك، واقرأ ما قلناه في باب المتعة: كتابنا " الفرقة بين الزوجين "
(٤) يعبر القرآن الكريم عن إنشاء العلاقة الزوجية بأحد لفظين: النكاح وهو الكثير، والزواج أحياناً، ودلالة اللفظين على هذا المعنى لغوية وشرعية. أما الاستمتاع فلم يستعمل في* *عقد الزواج، فيبقى على معناه الحقيقى حتى يدل دليل على صرفه عنه إلى غيره، وقبول تفسيرهم للاستمتاع في الآية بعقد زواج مؤقت من غير دليل - هو أول خطأ يقع فيه الباحث في هذا الموضوع، وإذا سلم به تعذر عليه التخلص منه.

<<  <   >  >>