٢ـ بما ثبت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أباح المتعة لأصحابه، ولم يثبت أنه نهي عنها، فبقيت إباحة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع دلالة الآية الكريمة دون أن يلحقهما ناسخ.
٣ـ بما روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين من الإفتاء بحلها.
(أ) فأما تفسيرهم للآية فيرده سياقها، حيث قال تعالى في بيان المحرمات:" حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم والمحصنات من النساء "، أي حرم عليكم التزوج بهؤلاء.. يعنى ذلك الزواج الدائم المعهود في الإسلام، ثم عطف قوله تعالى:"" أُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ "" على قوله: "" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ "".
ومعنى قوله تعالى:"" وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ "" ـ أحل لكم أن تتزوجوا من عدا المحرمات المذكورات ... قبل (١) لتبتغوا النساء بأموالكم، أي لتتزوجوهن بالمهور قاصدين ما شرع الله النكاح لأجله، من الإحصان وتحصيل النسل دون مجرد سفح الماء وقضاء الشهوة، كما يفعل الزناة، ففى الآية نهي عن وضع المرأة موضع الذلة والمهانة يجعلها مستأجرة لمجرد سفح الماء، وإبعادها بهذا عن وظيفتها الكريمة في الحياة الإنسانية، ولا نزاع في أن الذى يعقد المتعة ليوم أو يومين ويجوز له أن يشترط العزل كما قالوا، لا يكون غرضه إلا سفح الماء وقضاء الشهوة الحيوانية.
(١) من قواعد الأصول أن أحكام الشارع لا تتعلق بذوات الأشياء، بل تتعلق بأفعال العباد، فإذا ورد الحكم متعلقا بذات فلابد من تقدير فعل إنساني مناسب للمقام؛ فقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (معناه حرم عليكم أكلها، وقوله تعالى " (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ (معناه حرم عليكم التزوج، وقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ (معناه أحل لكم التزوج بما وراء ذلكم، وهكذا! (راجع دلالة الاقتضاء في أصول التشريع) .