للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ "" (١) .

وقد نزلت هذه الآيات الكريمة في وقت لا نجد في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يعد اعترافا من الإسلام بنكاح المتعة فيه، فلا يراد بالأزواج فيه إلا الأزواج المعهودة في زواج دائم، ومن ادعى أن المتمتع بها تدخل في عداد الأزواج في هذه الآية فعليه الدليل.

ولو كان ما ذهبوا إليه في تفسير الآية صحيحا لوجد في المسلمين من يقول لعمر ـ حينما أذاع حرمة المتعة كما سيأتى ـ: أنبأنا الله بغير ما قلت في قوله تعالى: ""فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ""، ولرجع عمر عن قوله واعترف بخطئه (٢) ، ولاحتج بها ابن عباس على عبد الله بن الزبير في مناقشتهما الآتية.

وبهذا لا ينبغى لأحد أن يتعلق في إباحة المتعة بشئ من الكتاب الكريم، ويحمل آياته ما لاتحتمل، انتصارا لمذهب اعتنقه، أو رأي قلد فيع غيره، فإن الكتاب الكريم فوق كل مذهب، وأعلى من كل رأي.


(١) ٢٩ - ٣١: المعارج، ٥- ٧: المؤمنون.
(٢) وقد وقع مثل هذا حينما نهي عمر عن المغالاة في المهور وعارضته امرأة، وهي حادثة مشهورة، وراجع في التحريم المؤقت فيما يأتى – ما ورد في حرمة التزوج بالمعتدة، من إفتاء عمر بفتوى بلغت عليا رضي الله عنهما فانتقدها وأفتى بغيرها، فلما بلغ ذلك النقد عمر عد فتواه جهالة، وأمر الناس بالرجوع عنها إلى فتوى على فقال: يأيها الناس، ردوا الجهالات إلى السنة.
وأغلب ظنى أن الاتجاه إلى آية النساء للاستدلال بها على إباحة المتعة لم يكن في زمن عمر ولا في زمن ابن عباس وابن الزبير، بل كان بعد ذلك حينما احتدم الجدل في المسألة وأريد تأييد المذهب بشئ من أي الكتاب الكريم.

<<  <   >  >>