للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلام بعد هذا في مسألة النسخ لا يقوم على أساس، بل هو اشتغال بما لاحاجة إليه، ولا فائدة فيه.

(ب) وأما قولهم: إن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أباح المتعة لأصحابه فهو حق، ولكنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أباحها بأمر الله لحاجة عارضة في فتح مكة استثناء من الأصل القرآنى العام، ثم نهي عنها عقب الإذن بها نهيا مؤبدا، كما استباح مكة بأمر الله ساعة من نهار، وكما منع إقامة حد السرقة في الحرب.

ومن استعرض الآثار التي وردت في النهي عن المتعة مرتبة بحسب الزمن الذى تعلقت به، وحاول أن يصل منها إلى الحق لوجه الحق دون تأثر بمذهب تجلت له الحقيقة إن شاء الله تعالى، وإليك هذه الآثار بترتيبها الزمنى: -

١ـ روى البخارى ومسلم ومالك وغيرهم عن على رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهي عن المتعة وعن الحمر الأهلية زمن خيبر (صفر سنة ٧ هـ) .

وروى محمد بن الحنفية عن على رضي الله عنه ـ أن منادى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نادى يوم خيبر ـ " ألا إن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن المتعة ".

وليس في الحديثين كما ترى، ما يدل على أن المسلمين فعلوها في خيبر، ولا أن الرسول أمرهم بها حينئذ وليس فيها ولا في غيرها ما يدل على أنه أباحها لهم قبل ذلك، إلا ما روى عن ابن مسعود أنه قال: " كنا نغزو مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصى؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، وفى رواية: " ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل وفى أخرى: " رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ففعلنا، ثم ترك ذلك وفى أخرى: " ثم جاء تحريمها بعد " وفى أخرى: " ثم نسخ " (١) .

وقد يكون المراد بهذا الحديث - إذا اقتصرنا على الرواية الأولى - تيسير أمر الزواج بما قل من المهر، وإن صح ما بعد ذلك ـ فإنه يحمل على ما كان


(١) راجع ص ٩٤، ١٣٨ جـ، فتح البارى، وص ٢٦٨ جـ ٦: نيل الأوطار.

<<  <   >  >>