من الغزوات قبل خيبر، وكان الناس قريبى عهد بالجاهلية التي كانت تستباح فيها الحرمات.
فلما فتحت خيبر، وغنم المسلمون فيها مالا، وسبوا نساء - اغتنم النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذه الفرصة، فنهي عنها، اكتفاء بما أصابوا من سبايا، فنقل المسلمين في رفق مما كانوا عليه في الجاهلية إلى الأصل العام في صفات المؤمنين وكانت الفترة السابقة فترة تدرج في التشريع، على عادة الإسلام في التدرج في التشريع حتى يكمل الدين بتمام الرسالة، كما تدرج بهم في تحريم الخمر (١) .
وروى أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهي عن المتعة في عمرة القضاء (ذى القعدة سنة ٧ هـ) ، وقد ضعف بأنه من مراسيل الحسن، ومراسيله كلها ضعيفة، لأنه كان يأخذ عن كل أحد، ولعل الأمر اختلط على الراوى لأن عمرة القضاء كانت في عام خيبر، وإذا صح فإنه يكون من باب تكرار النهي في وقت تدعو الحاجة فيه إلى التذكير بالحرمة. ولا دلالة فيه على أن المتعة كانت مباحة كما قدمنا.
٢ـ وروى مسلم بسنده عن سبرة بن معبد الجهنى - أنه غزا مع رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكة (رمضان سنة ٨ هـ) ، فأذن لهم في المتعة، ثم نهي عنها فقال:" أيها الناس، إنى كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وقد حرم الله ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده شيىء منهن فليخل سبيله ولا تأخذوا مماآتيتموهن شيئا ".
(١) وقد توهم بعض الناس أن نهي النبي عن المتعة في وقت ما يدل على أنه كان قد أذن بها قبل هذا النهي، وهو وهم فاسد، وخطأ آخر يتعرض له الباحث في هذا الموضوع، والذين وقعوا فيه اضطروا إلى القول بأن المتعة أبيحت ثم نسخت عدة مرات، وليس في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك. وإنما تكرر النهي عنها تكرر الظروف التي تقتضي التذكير بحرمتها، وهل يدل تكرار النهي عن الزنى وغيره في الكتاب الكريم ... على إذن سابق بشيء من ذلك؟