للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة " (١) ، وقال في متعة الحج: " أتموا الحج والعمرة كما أمركم ربكم " وفى رواية: " افصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنه أتم لحجكم، وأتم لعمرتكم ".

ومن هذا ترى أن عمر رضي الله عنه ما كان يهدد بالعقوبة على متعة الحج بل كان يرشد الناس ـ مصيباً أو مخطئاً ـ إلى ما يراه أكمل لحجهم وعمرتهم، وأكثر ثواباُ لهم، من غير إلزام لأحد منهم، ولهذا قال عبد الله بن عمر - حينما أفتى في متعة الحج بغير ما أفتى أبوه، وسئل عن ذلك -: " إن عمر لم يقل إن المتعة في أشهر الحج حرام، بل قال إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج، وإنما كان يبتغى بذلك الخير للناس، فلم تحرمون ما أحل الله وعمل به رسوله؟ أفسنة رسول الله أحق أن تتبعوا أم سنة عمر؟ " (٢) .

وقد تبين مما قدمنا أن عمر كان يعتمد في تحريم متعة النساء على تحريم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياها، وهي التي كان يتهدد من يفعلها ولا عليه بعد هذا أن يقول أحياناً مشدداً ومتوعداً ومنفذاً لأحكام الشريعة التي نصب لإقامتها -: " أنا أحرم المتعة وأعاقب عليها "، فإن كل مسلم ـ فضلا عن ولى الأمر ـ يستطيع أن يقول


(١) قال الفقهاء: إن عمر ما كان يريد بقوله هذا إلا التهديد، لأنه ما كان يجهل أن الحدود تدرأ بالشبهات، وقد درأ هو الحد عن بغى بأجرة، ولعله درأ عنها الحد لأن الناس ما كانوا يجترءون على الزنى في زمنه جرأتهم عليه بعد أن عطلت الحدود.
(٢) راجع ص ٦٧ حـ ٧: المحلى، ويظهر أن الحزبية لعبت دوراً هاماً في هذه المسألة عن قصد أو غير قصد، وإلا فلماذا يصور عمر بصورة الطاغية العنيد الذى يعاقب بالحق وبالباطل وينقل قوله بصيغة توهم أنه يتحدى رسول الله، ويشرع من عند نفسه. فيحرم ما أحل الله ورسوله حيث يقول " متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما "، وإذا صح أن يعاقب على متعة النساء فكيف يعاقب على متعة الحج؟ ولماذا يكثر البحث في متعة النساء خاصة، وتؤلف فيها الكتب وليست إلا مسألة فرعية من مسائل الفقه الإسلامي، وما أكثر المسائل التي اختلف فيها الأئمة، وقال فيها بعضهم بالحل وبعضهم بالحرمة، وإذا كان الباعث على الاهتمام بها تعلقها بالأعراض - فما كان أولانا جميعا بالاتفاق على حرمتها

<<  <   >  >>