للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محصن إلا رجمته بالحجارة "، وروى ابن جرير بسنده، أن عمر بن الخطاب لما ولى أمر الناس خطب فقال " إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتينى بأربعة يشهدون أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحلها بعد أن حرمها، ولا أجد رجلا من المسلمين متمتعاً إلا جلدته مائة جلدة إلا أن يأتينى بأربعة يشهدون أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحلها بعد أن حرمها " (١) .

قال عمر هذا منذراً ومعلناً في ملأ من الصحابة ولم يعارضه أحد، لا من الحاضرين الذين سمعوه، ولا من الغائبين الذين بلغهم الخبر، ولم يقل له أحد من المسلمين: إنك خالفت آية في كتاب الله، أو أمراً من أوامر رسول الله، مع أنه كان يقبل أن تعارضه امرأة ويرجع إلى قولها، فكان سكوتهم جميعاً تصديقاً له، وإذا عد عمله خروجاً على الدين فكل من سكت عليه يكون شريكاً له في ذلك حتى على رضي الله عنه، ولا نظن أحدا من المسلمين يرضي باتهام أحد من أصحاب رسول الله بالجبن في دين الله.

وفى مسلم أن عمر رضي الله عنه قال في متعة النساء: " إن الله تعالى كان يحل لرسوله ما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله (٢) ، فأبتوا نكاح هذه النساء،


(١) يدل هذا الحديث على أن عمر يهدد بالعقوبة كل متمتع محصنا كان أو غيرمحصن، ومن عجب أن يورد بعض المؤلفين فى المتعة هذا النص بتمامه، ثم يستدل به على أن عمر كان يحرم المتعة على المحصن دون غيره (ص ٢١: المتعة في الإسلام) .
(٢) أي أنه في أثناء نزول الوحي وقبل كمال الشريعة كان الله تعالى يبيح لرسوله ما شاء بما شاء من أسباب عارضة تقتضى الإباحة، كإباحاته مكة ساعة من نهار ثم تحريمها إلى يوم القيامة، وإباحته المتعة ثم تحريمها تحريماً مؤبداً وبكمال الشريعة وانقطاع الوحي أخذت الأحكام وضعها الأصيل الدائم، فلا نسخ ولا استثناء بعد ذلك إلا بدليل.

<<  <   >  >>