للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيره عملا بقوله تعالى: "" وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ "" (١) .

وفى زمن عمر رضي الله عنه وقعت حوادث فردية دلت على أن في الناس من يفعل المتعة جاهلاً أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أباحها لحاجة عارضة ثم حرمها تحريماً مؤبداً.

ومن ذلك ما روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير ـ أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه. فخرج عمر فزعاً يجر رداءه وقال: " هذه المتعة لو تقدمت فيها لرجمت " يعنى لو أنى علمت الناس من أمرها ما جهلوا، وأذعت بينهم حرمتها ـ لرجمت من يفعلها (٢) .

ومنه ما أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن جابر- أنه قال: قدم عمرو بن حريث الكوفة، فاستمتع بمولاة، فأتى بها عمرو حبلى، فسأله فاعترف (٣) .

قال جابر: فذلك حين نهي عنها عمر.

ولا يجوز في تقديرنا أن يكون ربيعة بن أمية أو عمرو بن حريث أو غيرهما- إذا صح أن غيرهما قد فعلها ـ لا يجوز أن يكون أحد من هؤلاء قد علم أن الرسول حرمها ثم يقدم على فعلها.

لهذا خطب عمر الناس ـ فيما أخرج ابن ماجه عنه بسند صحيح فقال: " إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو


(١) النور: ٣٣.
(٢) يدل اهتمام خولة بالأمر، ورفعها إياه إلى عمر، وفزعه منه، وقوله هذه المتعة – على أن هذا الفعل لم يكن ذائعاً بين الناس، ولهذا لا يقال: لم لم ينه عنه أبو بكر وعمر قبل ذلك.
(٣) قوله: فسأله فاعترف – يدل على أن من كان يفعل المتعة كان يتحرج من إظهارها وقد ينكرها.

<<  <   >  >>