من الرحم بين أهلها، وأيامه أيام عيد كبير لا يقل عن الأعياد العادية التي أباح رسول الله فيها اللعب البرىء، وقال عنها:" إنها أيام أكل وشرب وبعال ". ولم يكن في فتح مكة مثل ما كان في خيبر وأوطاس من سبايا، فأباح - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المتعة فيه من باب التوسعة وإدخال البهجة والسرور على نفوس جنود بعدوا عن أزواجهم وأهلهم في فرصة لا مثيل لها في تاريخهم، فالإباحة فى الواقع استثنائية، وترك بابها مفتوحا أبدا يعود على المشروع الأصلى بالنقض، إذ يؤدى إلى وضع العلاقة الزوجية موضع المسافحة، ويبعدها عن الغرض المقصود من الزواج الدائم، ولا أدل على هذا من أن يؤدى القول بإباحتها إلى القول بصحة تزوج الرجل المرأة متعة على عرد واحد كما سيأتى. ومن أجل هذا نهي الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها بعد ثلاث كما تقدم.
وإذا كان هذا النهي لم يبلغ بعض الناس - كابن عباس وغيره - فبقى على القول بالحل مطلقا أو عند الضرورة فقد حمله إلى الأمة من تقوم به الحجة على مثله، ومتى صدر الحكم من الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمعه من تقوم الحجة بسماعه ـ كان على من سمعه أن يبلغه، عملا بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع "، وعلى كل من علمه أن يعمل به، ومن لم يبلغه الخبر لا يكون حجة على من سمعه أو بلغه، فإن من عرف حجة على من لم يعرف، والإثبات مقدم على النفى.
وليس بعجيب أن يجهل بعض الناس حكم المتعة، لأنها ليست من شعائر الإسلام، ولا من الأمور التي تعم بها البلوى، فيحتاج الناس جميعاً إلى معرفة حكمها كما يحتاجون إلى معرفة وجوب الصلاة وحرمة الزنى ونحو ذلك، فقد فتح الإسلام باب الزواج الذى يكون به الإحصان، وتتعلق به مصلحة بقاء النوع على مصراعيه، وحث الناس على ولوجه، فأغناهم عن قضاء وطرهم الجنسى بسواه، والذين أصلح الله قلوبهم بالإسلام، وهذب طباعهم بأدابه إنما يستجيبون لنداء الفطرة من هذا الطريق، ولا تحملهم شهوة جامحة على التطلع إلى