للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أمر الله تعالى من لايستطيع الزواج بأن يجاهد نفسه ويعف عن طلب المرأة، وأمره الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يستعين على ذلك بالصوم، ولو كان هناك ذلك الزواج المؤقت على نحو ما ذكروا من اليسر والسهولة لكان فيه مندوحه عن ذلك.

وروى البخاري بسنده عن أبى هريرة أنه قال: قلت يا رسول الله، إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت، ولا أجد ما أتزوج به النساء فأذن لي اختصي، فسكت عنى، ثم قلت مثل ذلك فسكت عنى، ثم قلت مثل ذلك فسكت عنى، ثم قلت مثل ذلك فقال لي: " يا أبا هريرة، جف القلم بما أنت لاق، فاختص على ذلك أو ذر ". ولو كانت المتعة مباحة لنصح الرسول أبا هريرة - وقد وصلت به الحال إلى ما وصلت إليه - بزواج مؤقت لا يكلفه ما يكلف الزواج الدائم من أعباء.

وإذا سلمنا جدلا بأن أدلة الإباحة تعادل أدلة الحرمة في القوة فإنها تكون متعارضة، ولا شك أن دليل الحرمة يقدم حينئذ على دليل الإباحة ـ كما تقرر في الأصول؛ لأن ترك المباح أولى من ارتكاب المحرم، وقد سئل على رضي الله عنه عن الجمع بين أختين وطئا بملك اليمين، فقال: (أحلتهما آية يعنى قوله تعالى: "" فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "" ـ وحرمتهما آية ـ يعنى قوله تعالى "" وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ "" ـ والتحريم أحب إلينا) . وعلى هذا جمهور المسلمين في العالم والحمد لله.

ولا نظن إخواننا من الشيعة يفعلون المتعة، لأنهم لايرضون أن يتمتعوا بالمؤمنة أو بالشريفة حتى لا يذلوها أو يلحقوا العار بأهلها كما قالوا، وهو ما لا يرضاه الله لأحد من عباده المؤمنين، ولعلهم يأنفون من التمتع بالوضيعة، ويأبون- كما يأبى كل شريف عاقل - أن يتمتع ناس ببناتهم، أو أخواتهم.

ولا داعى حينئذ إلى جدل في مسألة ليس لها في الواقع العملى مجال.

<<  <   >  >>