وسار عليه أمير المؤمنين من بعده، وهم ـ أي الأئمة ـ الذين تلقوا هذا العلم كابراً عن كابر، لأنهم ذرية بعضهم من بعض.
لما سئل أبو عبد الله - عليه السلام -: " كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة؟ قال: لا "، فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال: لا، خصوصاً وأن الخبر صحيح فى أن السؤال كان عن المتعة، وأن أبا جعفر الطوسي راوى الخبر أورده فى باب المتعة كما أسلفنا.
وما كان لأبى عبد الله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه، أو أن يُحلَّوا أمرا حرمه، أو أن يبتدعوا شيئاً ما كان معروفا فى عهده - عليه السلام -.
وبذلك يتبّين أن الأخبار التى تحث على التمتع، ما قال الأئمةُ منها حرفاً واحداً، بل افتراها وتَقولَّها عليهم أناسٌ زنادقة، أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم، وإلا بِم تُفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية، وتكفيرهم لمن لا يتمتع؟
مع أن الأئمة عليهم السلام لم يُنقل عن واحد منهم نقلُ ثابت أنه تمتع مرة أو قال بحلّية المتعة، أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام؟
فإذا توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم السلام، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة ... فتنبه.
روى الكليني عن أبى عبد الله - عليه السلام - أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت:" إنى زنيت، فأمر أن تُرجم، فأخبر أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال: كيف زنيت؟
فقالت: مررت بالبادية فأصابنى عطش شديد، فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إنْ مَكَّنتةُ من نفسى، فلما أجهدنى العطش وخفت على نفسى سقانى فأمكنته من نفسى، فقال أمير المؤمنين - عليه السلام - تَزويجٌ ورب الكعبة ". (الفروع ٢ / ١٩٨) .