للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب مدينة العلم

من الأحاديث التي استدل الرافضيان " أنا مدينة العلم وعلى بابها "، وأثبت هنا رد شيخ الإسلام على ابن المطهر.

قال رحمه الله تعالى:

وحديث: " أنا مدينة العلم وعلى بابها " أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعدّ في الموضوعات، وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي وبيّن أن سائر طرقه موضوعة، والكذب يعرف من نفس متنه، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلا باب واحد، ولم يُبلّغ عنه العلم إلا واحد، فَسَدَ أمر الإسلام، ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدا، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر، الذي يحصل العلم بخبرهم للغائب.

وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة.

وإذا قالوا: ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره.

قيل لهم: فلابد من العلم بعصمته أولا. وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته، فإنه دَوْر، ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها. وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة، لأن فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه، فعُلم أن عصمته لو كانت حقا لابد أن تعلم بطريق آخر غير خبره.

فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو، لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين، فعلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنه مدحا، وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في دين الإسلام، إذ لم يبلغه إلا واحد.

ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر؛ فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير على. أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما ظاهر، وكذلك الشام والبصرة؛ فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن على إلا شيئا قليلا، وإنما كان غالب

<<  <   >  >>