فبر الناس تابع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم. فقال له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء. ويؤخذ منه ضعف ما حكاه ابن عبد البر أن سعدا أبى أن يبايع أبا بكر حتى لقى الله ـ (انظر ص ٢١: ٢٢) .
وجعل الفصل الثانى في بيان انعقاد الإجماع على ولاية أبى بكر، فقال:
قد علم مما قدمناه أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على ذلك، وأن ما حكى من تخلف سعد بن عبادة عن البيعة مردود.
ومما يصرح بذلك أيضا ما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا، فهو عند الله سيئ. وقد رأي الصحابة جميعا أن يستخلف أبو بكر، فانظر إلى ما صح عن ابن مسعود، وهو من أكابر الصحابة، وفقهائهم ومتقدميهم من حكاية الإجماع من الصحابة جميعا على خلافة أبى بكر، ولذا كان هو الأحق بالخلافة عند جميع أهل السنة والجماعة في كل عصر منا إلى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وكذلك عند جميع المعتزلة، وأكثر الفرق، وإجماعهم على خلافته قاض بإجماعهم على أنه أهل لها مع أنها من الظهور بحيث لا تخفى. فلا يقال إنها واقعة يحتمل أنها لم تبلغ بعضهم، ولو بلغت الكل لربما أظهر بعضهم خلافا. على أن هذا إنما يتوهم أن لو لم يصح عن بعض الصحابة المشاهدين بذلك الأمر من أوله إلى آخره حكاية الإجماع، وأما بعد أن صح عن مثل ابن مسعود حكاية إجماعهم كلهم، فلا يتوهم ذلك أصلا، سيما وعلى كرم الله وجهه ممن حكى الإجماع على ذلك أيضا، كما سيأتي عنه أنه لما قدم البصرة سئل عن مسيره هل هو بعهد من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر مبايعته هو وبقية الصحابة لأبى بكر، وأنه لم يختلف عليه منهم اثنان.
وأخرج البيهقي عن الزعفرانى قال سمعت الشافعى يقول: أجمع الناس على خلافة أبى بكر، وذلك أنه اضطرب الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرا من أبى بكر فولوه رقابهم. وأخرج أسد السنة عن معاوية بن قرة