بينة، فشهد لها على وأم أيمن، فقال لها: فبرجل وأمرأة تستحقينها. ثم قال زيد: والله، لو رفع الأمر فيها إلى لقضيت بقضاء أبى بكر رضي الله عنه. وعن أخيه الباقر أنه قيل له: أظلمكم الشيخان من حقكم شيئا؟ فقال: لا ومنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ما ظلمنا من حقنا ما يزن حبة خردلة.
وأخرج الدارقطنى، أنه سئل ما كان يعمل على في سهم ذوى القربى؟ قال: عمل فيه بما عمل أبو بكر وعمر، وكان يكره أن يخالفهما.
وأما عذر فاطمة في طلبها روايته لها الحديث، فيحتمل أنه لكونها رأت أن خبر الواحد لا يخصص القرآن كما قيل به. فاتضح عذره في المنع وعذرها في الطلب، فلا يشكل عليك ذلك، وتأمله فإنه مهم. ويوضح ما قررناه في هذا المحل حديث البخاري، فإنه مشتمل على نفائس تزيل ما في نفوس القاصرين من شبه وهو: عن الزهرى، قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضرى، أن عمر بن الخطاب دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فأدخلهم فلبث قليلا، ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلى يستأذنان؟ قال: نعم، فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بينى وبين هذا، وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بنى النضير، فاستب على وعباس، فقال الرهط: يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر. فقال عمر: اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تكون السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا نورث ما تركناه صدقة، يريد بذلك نفسه، قالوا: قد قال ذلك. فأقبل عمر على على وعباس، فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قال ذلك؟ قالا: نعم.
قال: فإنى أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله كان خص رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال:" وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ" إلى قوله "قَدِيرٌ"، فكانت هذه خالصة برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم والله ما اختارها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد أعطاكموها، وقسمها فيكم حتى بقى هذا المال منها، فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقى فيجعله مجعل مال الله فعمل بذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حياته، ثم توفى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أبو بكر رضي الله عنه: فأنا ولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقبضه أبو بكر يعمل فيه بما عمل فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنتم حينئذ، وأقبل على على والعباس وقال: تذكرانى أن أبا بكر كان فيه كما تقولان، والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فقلت: أنا ولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبى بكر، فقبضته سنتين من إمارتى أعمل فيه بما عمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر، والله يعلم أنى فيه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتمانى كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، فجئتنى يعنى عباسا، فقلت لكما إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وما عملت فيه منذ وليت، وألا فلا تكلمانى، فقلتما ادفعه