إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان منى قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضى فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنه فادفعاه إلى فأنا أكفيكماه.
قال، فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير، فقال: صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول أرسل أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان إلى أبى بكر يسألنه مما أفاء الله على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكنت أنا أردهن، فقلت لهن: ألا تتقين الله، ألم تعلمن أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: لا نورث ما تركناه صدقة، يريد بذلك نفسه؛ إنما يأكل آل محمد في هذا المال، فانتهى أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ما أخبرتهن. قال، فكانت هذه الصدقة بيد على منعها على عباسا، فغلبه عليها، ثم كانت بيد الحسن بن على رضي الله عنهما، ثم بيد الحسين بن على، ثم بيد على بن الحسين، وحسن بن حسن كلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن رضي الله عنهم، وهى صدقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقا. ثم ذكر البخاري بسنده أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال، والله لقرابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إلى أن أصل من قرابتى.
فتأمل ما في حديث عائشة والذى قبله تعلم حقيقة ما عليه أبو بكر رضي الله عنه، وذلك أن استباب على والعباس صريح في أنهما متفقان على أنه غير إرث، وإلا لكان للعباس سهمه ولعلى سهم زوجته، ولم يكن للخصام بينهما وجه، فخصامهما إنما هو لكونه صدقة وكل منهما يريد أن يتولاها، فأصلح بينهما عمر رضي الله عنهم وأعطاه لهما بعد أن بين لهما وللحاضرين السابقين، وهم من أكابر العشرة المبشرين بالجنة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا نورث ما تركناه صدقة، وكلهم حتى على والعباس أخبر بأنه يعلم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك، فحين إذن أثبت عمر أنه غير إرث ثم دفعه إليهما ليعملا فيه بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ