وبسنة أبى بكر، فأخذاه على ذلك وبين لهما أن ما فعله أبو بكر فيه كان فيه صادقا باراً راشداً تابعاً للحق، فصدقاه على ذلك. فهل بقى لمعاند بعد ذلك من شبهة؟! فإن زعم بقاء شبهة قلنا يلزمك أن تغلب على الجميع وأخذه من العباس ظلم لأنه يلزم على قولكم بالإرث، أن للعباس فيه حصة، فكيف مع ذلك ساغ لعلى أن يتغلب على الجميع ويأخذه من العباس، ثم كان في يد بنيه وبنيهم من بعده ولم يكن منه شئ في يد بنى العباس، فهل هذا من على وذريته إلا صريح الاعتراف بأنه صدقة، وليس بإرث، وإلا لزم عليه عصيان على وبنيه وظلمهم وفسقهم وحاشاهم الله من ذلك بل هم معصومون عند الرافضة، ونحوهم، فلا يتصور بهم ذنب، فإذا استبدوا بذلك جميعه دون العباس وبنيه علمنا أنهم قائلون بأنه صدقة وليس بإرث، وهذا عين مدعانا، وتأمل أيضا أن أبا بكر منع أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثمنهن أيضا، فلم يخص المنع بفاطمة والعباس ولو كان مداره على محاباة لكان أولى محاباة ولده، فلما لم يحاب عائشة ولم يعطها شيئا علمنا أنه على الحق المر الذي لا يخشى فيه لومة لائم.
وتأمل أيضا تقرير عمر للحاضرين ولعلى وللعباس بحديث لا نورث وتقرير عائشة لأمهات المؤمنين به أيضا وقول كل منهما ألم تعلموا! يظهر لك من ذلك أن أبا بكر لم ينفرد برواية هذا الحديث، وأن أمهات المؤمنين وعلياً والعباس وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد كلهم كانوا يعلمون أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك، وأن أبا بكر إنما انفرد باستحضاره أولاً، ثم استحضره الباقون، وعلموا أنهم سمعوه منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فالصحابة رضوان الله عليهم لم يعلموا برواية أبى بكر وحدها. ... (ص ٥٧: ٦٠) .
الشبهة الثانية عشرة
زعموا أنه من النص التفصيلى على على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له لما خرج إلى تبوك واستخلفه على المدينة: أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى. قالوا: ففيه دليل على أن جميع المنازل الثابته لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة