الكائنه لهارون من موسى، والحديث وسببه سياق يبينان ذلك البعض لما مر أنه إنما قاله لعلى حين استخلفه، فقال على كما في الصحيح: أتخلفنى في النساء والصبيان؟ كأنه استنقص تركه وراءه فقال له: ألا ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ يعنى حيث استخلفه عند توجهه إلى الطور، إذ قال له: اخلفنى في قومى وأصلح، وأيضاً فاستخلافه على المدينة لا يستلزم أولويته بالخلافة بعده من كل معاصريه افتراضاً ولا ندباً بل كونه أهلاً لها في الجملة، وبه نقول، وقد استخلف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرار أخرى غير على كابن أم مكتوم، ولم يلزم فيه بسبب ذلك أنه أولى بالخلافة بعده.
الشبهة الثالثة عشرة
زعموا أيضا أن من النصوص التفصيلية الدالة على خلافة على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى: أنت أخي ووصيى وخليفتى وقاضى دينى ـ أي بكسر الدال، وقوله: أنت سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، وقوله: سلموا على على بإمرة الناس.
وجوابها: مر مبسوطا قبيل الفصل الخامس ومنه أن هذه الأحاديث كذب باطلة موضوعة مفتراة عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا لعنة الله على الكاذبين، ولم يقل أحد من أئمة الحديث أن شيئا من هذه الأكاذيب بلغ مبلغ الآحاد المطعون فيها بل كلهم مجمعون على أنها محض كذب وافتراء، فإن زعم هؤلاء الجهلة الكذبه على الله ورسوله وعلى أئمة الإسلام ومصابيح الظلام أن هذه الأحاديث صحت عندهم، قلنا لهم هذا محال في العادة إذ كيف تتفردون بعلم صحة تلك مع أنكم لم تتصفوا قط برواية ولا صحبة محدث، ويجهل ذلك مهرة الحديث وسباقه الذين أفنوا أعمارهم في الأسفار البعيدة لتحصيله وبذلوا جهدهم في طلبه وفى السعى إلى كل من ظنوا عنده شيئاً منه حتى جمعوا الأحاديث ونقبوا عنها وعلموا صحيحها من سقيمها، ودونوها في كتبهم على غاية من الاستيعاب ونهاية من التحرير، وكيف