اقتدى به يفضل أحدهما على الآخر. انتهى، وقوله رضي الله عنه: أو في ذلك شك؟ يريد ما يأتي عن الأشعرى أن تفضيل أبى بكر، ثم عمر على بقية الأمة قطعى، وتوقفه هذا رجع عنه، فقد حكى القاضى عياض عنه: أنه رجع عن التوقف إلى تفضيل عثمان. قال القرطبى: وهو الأصلح إن شاء الله تعالى ... إلخ" (ص ٢٨٦) .
واستمر ابن حجر في حديثه بإثبات ما جعله عنواناً لهذا الفصل، وقال:
" إن أفضلية أبى بكر ثبتت بالقطع حتى عند غير الأشعرى أيضاً بناء على معتقد الشيعة والرافضة، وذلك لأنه ورد عن على ـ وهو معصوم عندهم والمعصوم لا يجوز عليه الكذب ـ أن أبا بكر وعمر أفضل الأمة. قال الذهبي: وقد تواتر ذلك عنه في خلافته وكرسى مملكته وبين الجم الغفير من شيعته. ثم بسط الأسانيد الصحيحه في ذلك، قال: ويقال رواه عن على نيف وثمانون نفساً. وعدد منهم جماعة، ثم قال: فقبح الله الرافضة ما أجهلهم! انتهى.
ومما يعضد ذلك ما في البخاري عنه أنه قال: خير الناس بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما، ثم رجل آخر. فقال ابنه محمد بن الحنفيه: ثم أنت، فقال: إنما أنا رجل من المسلمين، وصحح الذهبي وغيره طرقاً أخرى عن على بذلك، وفى بعضها: ألا وإنه بلغنى أن رجالاً يفضلونى عليهما، فمن وجدته فضلنى عليهما فهو مفتر، عليه ما على المفترى. ألا ولو كنت تقدمت في ذلك لعاقبت، ألا وإنى أكره العقوبة قبل التقدم.
وأخرج الدار قطنى عنه: لا أجد أحداً فضلنى على أبى بكر وعمر إلا جلدته حد المفترى. وصح عن مالك، عن جعفر الصادق، عن أبيه الباقر، أن عليا رضي الله عنه وقف على عمر بن الخطاب وهو مسجى، وقال: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أحداً أحب إلى أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى (ص ٩٠ ـ ٩١) .