للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالطبع لا يمكن أن تتعارض السنة الشريفة مع هذا المبدأ. لكن الإمامية يستدلون على عصمة الأئمة بكثير من الأحاديث، بعضها صحيح وبعضها لا يمكن الأخذ به، وقد رأينا فيما سبق نظرة الشيعة إلى الإمام ونحن لا يمكن بحال أن نأخذ بها، فهى ترفعه فوق الأنبياء والبشر جميعا!

فما وجه الاستدلال في الأحاديث الصحيحة التي استدلوا بها؟

من الأحاديث التي استدلوا بها قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى: " أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى ". وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " ثم أعطاها علياً.

وهذا الحديثان الشريفان ورد معناهما في البخاري ومسلم. (١)

أما الحديث الأول فقد ذكر مسلم بإسناده عن سعد بن أبى وقاص قال: " خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بن أبى طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلفنى في النساء والصبيان، فقال: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي من بعدى ".

فالإمام على كرم الله وجهه يشبه هارون رضي الله عنه في الاستخلاف (٢) ، وقد استخلف غيره أيضا. وهذا الحديثان الشريفان يبينان مكانة! على رضي الله عنه، وما أسماها من مكانة ولكنهما لو كانا يوجبان عصمة لوجبت لكل الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، فكلهم يحبون الله تعالى، ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحبهم الله


(١) راجع صحيح البخاري: كتاب المناقب. باب مناقب على بن أبى طالب، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل على بن أبى طالب.
(٢) انظر الوشيعة ص م ط وما بعدها ففيه تحليل مفصل لهذا الحديث، وبيان بطلان استدلال الإمامية، وانظر الفصل في الملل ص ٩٤ ـ ٩٥، ومختصر التحفة ص ١٦٢ ـ ١٦٤، والمنتقى ص ٤٦٨ ـ ٤٧٠.

<<  <   >  >>