للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل، ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولوجبت العصمة كذلك لكل من استخلف على المدينة، فهم جميعا بمنزلة هارون من موسى في الاستخلاف، ولوجبت أيضا لكثيرين غير من ادعيت لهم، مثال ذلك ما جاء في حق أبى بكر الصديق رضي الله عنه من الأحاديث الصحيحة.

روى البخاري ومسلم بإسنادهما أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن من أمن ... الناس على في صحبته، وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبى بكر " (١) .

وأكثر من هذا صراحة ما روياه أيضاً بإسنادهما أن أمرأة أتت النبيصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرها أن ترجع إليه. قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تقول الموت. قال عليه الصلاة والسلام: إن لم تجدينى فأتى أبا بكر " (٢) .

وبمنطق الشيعة نقول: إذا جاءت المرأة ولم تجد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنها مأمورة بأن تسأل أبا بكر، وتتبعه فيما يقوله لها، فإذا لم يكن معصوماً فربما دلها على قبيح فتتابعه عليه، وهذا غير جائز فلابد إذن أن يكون معصوماً! أظن هذا أكثر منطقية واستدلالاً من استدلال الإمامية، ولكن أحدا لم يقل به، لأن أبا بكر - رضي الله عنه - بشر كسائر البشر، يصيب ويخطئ، والمرأة مأمورة بأن تتبعه فيما يوافق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأبو بكر - كغيره - منفذ للشرع وليس مشرعاً. وغير هذا كثير فيما ورد عن فضائل الصحابة رضوان الله عليهم (٣) .


(١) صحيح البخاري: " كتاب المناقب – باب مناقب المهاجرين، وصحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة – باب من فضائل أبى بكر الصديق، واللفظ للبخاري.
(٢) المرجعيين السابقين، وفى مسلم " فإن لم ... " بزيادة الفاء.
(٣) راجع صحيح البخاري في كتاب المناقب، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة.

<<  <   >  >>