للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: " إن الله لم يبد له من جهل "وسئل: هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله. قيل: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق (١) .

يقول الإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء: " البداء وإن كان جوهر معناه هو ظهور الشىء بعد خفائه، ولكن ليس المراد به هنا ظهور الشىء لله جل شأنه بعد خفائه عنه، معاذ الله، وأي ذى حريجة ومسكة يقول بهذه المضلة؟

بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، وقولنا (بدا لله) أي بدا حكم لله، أو شأن لله " (٢) .

فالبداء بهذا التفسير لا يتعارض وعلم الله التام بكل شيء، وظهور أحكام لله كانت خافية علينا شيء يسلم به كل المسلمين، وقد نسب البداء إلى الله سبحانه وتعالى في حديث شريف ورد في صحيح البخاري: فقد روى عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن ثلاثة في بنى إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص ... " إلى آخر الحديث الشريف (٣) .


(١) عقب أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - على نسبة مثل هذه الأخبار إلى الإمام الصادق بقوله: إن هذه الأخبار في مجموعها تدل على أن البداء في نظر الصادق هو أن يظهر للناس ما أكنه الله تعالى في علمه، وذلك لا ينافى علم الله تعالى ". (الإمام الصادق ص ٢٣٦) .
(٢) الدين والإسلام ص ١٧٣، وانظر كذلك قول الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه " الشيعة والتشيع " ص ٥٣-٥٤ ففيه بيان أن البداء لا يستدعى الجهل وحدوث العلم لذات الله سبحانه.
(٣) انظر صحيح البخاري - الجزء الرابع - كتاب بدء الخلق: باب ما ذكر عن بنى إسرائيل.

<<  <   >  >>