للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف إذن اُعتبر مبدأ خاصا بالشيعة؟ ينافحون عنه، ويبالغون في قيمته حتى أنهم قالوا: " ما عبد الله بشئ مثل البداء "، " ما عظم الله بمثل البداء " (١) .

إن توضيحهم لكيفية البداء تكشف عن هذا، فهم يقولون: إن الله جلت قدرته قد يخبر ملائكته، أو رسله المقربين بحادثة ما، ويخفى عنهم أشياء إذا تحققت تغيرت النتيجة، وقد يكون في علمه سبحانه أنها ستتحقق وسيتبع ذلك تغير الحال: مثال هذا: أن يخبرهم بأن فلانا سيموت في الثلاثين من عمره، ويخفى عنهم أن ذلك مقترن بعدم تصدقه، وأنه سيتصدق وسينسأ له في أجله، فعندما يظهر ذلك الذي أخفى يقال: بدا لله فيه أن يمد في أجله، فيكون البداء في التكوين كالنسخ في التشريع (٢) .

وإذا كنا نعلم الحكمة من النسخ في التشريع، فما الحكمة من هذا البداء؟ وكيف يخبر الله سبحانه وأنبياءه وملائكته بمعلومات ناقصة؟ وعندما يخبرون الناس بهذه المعلومات فما الفرق بينهم وبين المنجمين الكاذبين الضالين ... المضلين؟ (٣) .

إن الدافع الحقيقى لهذا المبدأ هو أنهم غالوا في أئمتهم، وأحلوهم منزلة فوق البشر كما رأينا من ذى قبل، ونسبوا لهم العصمة وعلم الغيب، فكان لابد من مخرج إذا حدثوا بمغيب فكذبهم الواقع، وكان هذا المخرج هو القول بالبداء!


(١) راجع باب البداء من كتاب الكافى.
(٢) انظر: الدين والإسلام ص ١٧٢ وما بعدها، وانظر كذلك: جوامع الكلم ص ١٤٥ من الرسالة القطيفية، والدعوة الإسلامية ص ٣٥ وما بعدها.
(٣) لهذا وقع الخلاف بين الإمامية في الإخبار: أيجوز أم لا؟ (انظر الدعوة الإسلامية ... ص ٣٧-٣٨) .

<<  <   >  >>