وقال تعالى:{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ، ولهذا قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه " يعنى السنة.
والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحى كما ينزل القرآن؛ لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعى وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ حين بعثه إلى اليمن:" بم تحكم؟ قال: بكتاب الله قال: فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال أجتهد رأيى. قال: فضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله "، وهذا الحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد.
أقوال الصحابة:
وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها؛ ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح؛ لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين:" مثل عبد الله ابن مسعود "، قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا أبو كريب، قال أنبأنا جابر بن نوح، أنبأنا الأعمش عن أبى الضحى، عن مسروق قال: قال عبد الله ـ يعنى ابن مسعود: والذى لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناوله المطايا لأتيته. وقال الأعمش أيضاً، عن أبى وائل، عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.